شكرًا جزيلاً للصديق الشّاعر و الباحث التونسي المقيم في باريس الأستاذ محمدّ النجّار لإهدائه لي كتابه الأخير ، بعد الPdf.
Mhamed Najar
*********************************************
بقلمي ما بقي في البال بعد قراءة كتاب:
"مقالات نقديّة في السيرة النبويّه" للباحث و الكاتب التونسي محمد الن جّار
***************************************
أودّ في البداية شكر الاستاذ محمد النجّار الذي أعطاني النسخة pdf للكتاب و سمح لي بقراءتها ، لأننّي ضدّ هذا النوع من القراءة (أي التحميل pdf ) المجّانية التّي تهضم حقّ الكاتب و أعتبرها سرقة ، (لكلّ قادر على شراء كتب أو /لتوفّرها) ، في انتظار حصولي على النسخة الورقيّة.
كتاب نقدي من زاويةِ الباحث الأكاديمي المتخلّص من كل تأثيرات الدّين و الإنتماء و التّاريخ.
إننّا "مسلمون بالوراثة "، أي أنّ معظمنا لو وُلد مسيحيّا أو يهوديّا أو بوذيّا أو غير ذلك ، لبقي بما نحمله من تكلّس فكريّ و إمتطاء لآلة الزّمن العكسيّة ، على دين ما وُلد فيه و لعلّه غالى فيه.
إنّ العقل طريق للحقيقة، و لو كانت نسبيّه، و أدوات المعرفة تتطوّر كلّ يوم و ترينا حقائق كانت غائبة عنّا و تمحو عنّا خرافات كانت قوانين و بديهيّات.
في هذا الكتاب مراجعة تاريخيّة و بحثيّة لبعض ما يبدو لنا مسلّما و متّفق عليه (انظر الفهرس) ، و يتنزّل في إطار الكتابات التّي تراجع الموروث و تدفع لاعمال الفكر و تطوير الفهم الديني لتواكب يومنا و عصرنا و مصالحنا و متطلّبات حياتنا دون خروج عن النصّ القرآني .
قرأت الكتاب في جزئه الأوّل بكثير من الرّيبة إذ أنّ تاريخنا و بحوثنا الاركيولوجيّة و كتبنا إمّا سرقت ( و متاحف العالم تعجّ بذلك) و إما أحرقت (بين تتار و حملات صليبية و محاكم تفتيش اسبانيه الى غير ذلك..) أو أنّها كتبت بأيدي مستشرقين مبشّرين أو فرس لسانهم غير عربي فضاعت الكثير من الحقائق و شوّه الكثير من نصوصنا خدمةً لمن لا يروق لهم ذلك و هم كثر.
و لكنّ المغامرة تكمن في طرح السؤال : ماذا لو وُلِدْتُ يهوديًّا أو بوذيًّا أو غيره ، هلْ بما أملك الآن من معرفة سأهتدي للاسلام أم سأموت على "كفري " ؟ فكلّ الديانات السماوية تَعِدُ متبّعها بالجنّة و تتوّعدُه بالنّار إن حاد عنها، في هذه العلاقة المبنيةِ على المصلحةِ (الثواب و العقاب، العمل و الأجر ) .. فمن أصدّق ؟
حقيقةً هذا السؤال طرحتُهُ مرّةً على نفسي بعد تربّص في قسم الأمراض النفسيّه و رأيت مريضًا يدّعي أو يهيّأ له أنّه يرى شيخا و يحكي له قصصا و يأمره ووو ، رجعت يومها مطأطأ الرأس و تساءَلْتُ ، و أنا المسلم السنّي القائمِ بفرائضهِ، و قلتُ ماذا لو كان رسولنا عليه افضل الصلاة و السلام يهذي؟ (حاشى رسولنا الأكرم) فلا جبريل و لا صوت الوحي إنّما هو خبل!!!!!
لم يكن سؤالي كفراً بل بحثًا عن الحقيقةِ : و لكنّني في نفسِ اليوم ذهبتُ للجامع للصلاة و كان المقرِؤُ يومها ذو صوت جميل في ترتيل القرآن ، و كانت الآيات تقول لي الواحِدةَ بعد الأخرى ، أنّ هذا الكلام مستحيل للسان عربي (و لو كان لسان الرّسول دون وحي) أن يأتي بمثله، و إنّما هو كلام الله ، و أنّه معجزته، و ربّما هنا أفهم أنّه مهما تُرجم فإن سحرَهُ بالعربيةِ لا يقابله أيّ مثيل بلغات أخرى ( كترجمته بالفرنسية الذي اطلّعت عليها).
إنّ النّقدَ و التشكيك ليس دائما طريقًا للالحاد و الابتعاد عمّا ننقُدُهُ و انما هو طريق للحقيقة و درأ للشوائب ، فكثير من المَرْوِيِّ في التاريخ، عن الإسلام و الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم، فتح أبوابا للتندّر و السخريّه من ديننا.
فالمهم لكلّ مسلم أن يسأل نفسه لماذا هو مسلم؟ و كيف يرى غيرنا ديننا و تاريخنا ؟
لنخرج من إشكالية العلاقة مع الآخر العدوّ و العلاقة المبنية على الخوف منه إلى مساءلة ذاتنا ، فعندما تكون الأولوية للصراع مع الآخر الخارجي ، تهيمن فكرة التحرّر على فكرة الحريّة و يكون التناقض مع الآخر وسيلة لإخفاء التناقض مع الذّات...و من هنا نفهم ظهور التيّارات السياسية و الفكريّة في التاريخ المعاصر التي ستنشأ على علاقة الأنا المسكوت عنه ووهم الآخر، و بين ماض تمّ استعادته و مستقبل لم نستطع تصوّره ....
إنّ الهدف الذّي يجب أن يكون حسب رأيي من كلّ دراسة أو كتب نقديّة هو البحث عن الحقيقة و دعوة الى النقاش فكر بفكر دون تعصّب .
فجميل أن ترى نفسك بمرآة غير التي إعتادت أن تراك جميلاً ، و جميل و قد يكون صادما أن يقول عنك أحدهم أنّك بشع في حين أنّ أمّك أمضت عمرك تقول عنك أنّك "غزال "و وسيم ...☺️
لا أعرف الخلفيّة الفكريّة و لا الدّافع الحقيقي ّ للكاتب و لكننّي لا أشكّ بأنّها بريئة و صادقة في النقد من أجل البناء لا الهدم.
ختامًا أشهد أن لا إله إلاّ الله و أنّ محمدّا عبده و رسوله ، الأميّ الذي أتى بما أعجز النًاس ليومنا هذا : القرآن .
أعطي الكتاب أربعة نجوم
قراءة ممتعة