القائمة الرئيسية

الصفحات

مراجعة كتاب الحبيب بورقيبة -الأهم و المهم بقلم بن عمر عبد الله

 ما بقي في البال بعد قراءة كتاب : 

"الحبيب بورقيبة الأهمّ و المهم " 


للمرحوم الباجي قايد السبسي .

كتاب من 491 صفحة صادر في  2009 لدار الجنوب.

الجزء الأوّل بقلمي .

************************************

مراجعة الكتاب 

يتناول هذا الكتاب شهادة المناضل المرحوم الباجي قايد السبسي ، الذي شغل عدّة مناصب في الحزب الدستوري و الدولة التونسية كان أهمّها وزارة الداخلية و الدّفاع و الشؤون الخارجية في العهد البورقيبي ثم رئيس المجلس الدستوري في حكم  بن علي . 


أعرف منذ البداية أن الشهادات التاريخية مهما تجرّد صاحبها من العاطفة و الإنحياز فإنه من الصعب التخلّص منهما،  و هذا مفهوم في  حالة "الباجي " الذّي تربّى على حبّ بورقيبة و عاش معه كلّ حياته و تقلباتها و كان قريبًا منه منذ أوّل لقاء بينهما في باريس ، بحكم علاقة الصداقه القريبة التّي تجمعه ببورقيبة الإبن .


شهادة قيّمة و سرد للأحداث  التّي عاصرها المناضل الباجي و التّي  كان لها بالغ  التأثير في كلّ مراحل حياته السياسية حتّى رحيله .


لقد كافح التونسيون و ناضلو و لم يكن الإستقلال  سهلاً و لا رهنًا لتونس و لا خيانة مقابل استقلال،بل تضحية رجال و نساءآمنو بحقّ تونس في الإستقلال و بناء دولة حديثة.

و لأننّا شعب "فريد" بحقّ فقد كان لبلادنا تاريخ نضالي فريد  و كان حتى لثورتنا الأخيرة تفرّد ، و بما أنّ الإنسان يسعى لوجود القدوة و المثال في التجربة ، فقد تاه معارضو التجربة النضالية الفريدة للمرحوم بورقيبة في  متاهات تهم أظنّ، كما  قال الباجي،  أنّه بريئ منها كإتّهامه بالعمالة و تخوينه في عديد المرات.


 وُلِدَ بورقيبة ليكون زعيمًا،  فلو كان له دولة اكبر و موارد أكثر لجعل منها دولة عظمى.

نسج لنفسه عبر تاريخه النّضالي الذّي لا ينكره إلاّ جاحد ، نهجًا سياسيّا ، فكريّا و نضاليًّا   كان له مناصريه و معارضيه كأيّ فكرة جديدة و منهج مختلف.

كان بورڤيبه صاحب رؤية و مشروع سياسي، ثقافي و إجتماعي  و إقتصادي.


إنتهج و إبتدع سياسة المراحل التي أثبتت أكلها و إعترف بذلك العديد ممنّ عارضه  حينها . سُجِنَ و نفي و قاد النضال في كلّ تراب البلاد و كان خطيبًا قريبًا من الشعب لا يولي المظاهر و المال قيمة.

كانت الأولويّة البورقيبيّة هي الوطنيه و الهويّة التونسية ، و  كانت لمعرفته لإمكانيات البلاد و مواردها المحدودة و لطبيعة الإستعمار الفرنسي   دور في تسطير مراحل الإستقلال.


الاستقلال و بناء دولة حديثه و تغيير النمط الإجتماعي تحت  رؤية فكرية : 

- الجهاد الأكبر هو بناء الوطن 

- الإجتهاد الديني المواكب للعصر و البعد عن الركود الديني الذي أدّى لتدهور الأمّة ، و سانده في ذلك شيوخ زيتونييين كالحبيب و الفاضل بن عاشور و الشاذلي نيفر

- فرنسا المحتلّة ليست فرنسا المبادئ و التقدّم و الفلسفه الانسانيه و الاجتماعيه، كان معجبًا بفرنسا الثقافة و الفكر ، عاشقا لمقولة اوجست كانط "عش لغيرك":  فلا يمكن معادات فرنسا بل ربطها بحبل هي من صنعه، فدولة المبادئ و الحريّات و الأنوار كان فيها الكثير ممن وقف مع   استقلال تونس و منها الكثير من المحامين من دافع عن مناضلين كثر كانو قريبين من الإعدام...فرنسا  لانت لبورقيبه و للمقاومة التونسية.

- الديبلوماسية التونسية و القوّة الناعمة ، نجحت تونس رغم صغر حجمها الجغرافي في فرض ديبلوماسية قائمة على إحترام القوانين الدولية و لا غير و لم تكن عروبيّةٍ عمياء ، و لا عاطفيّة و لم يتنازل بورقيبه في مصلحة تونس.


عايش الباجي قايد السبسي منذ 1941 , تاريخ انضمامه للحزب الحر الدستوري الجديد ، جميع مراحل النضال السياسي و مآزقه و كاد يموت في القصرين عندما ذهب لإقناع المقاوميين بتسليم سلاحهم لولا تدخل المناضل عبدالمجيد العزّوزي الفرياني.


كتاب يروي فيه السبسي شهادات مسجوني الكفاح و حتى من مات منهم  برصاص الإعدام  في السيجومي ، شهادات  حيّة مؤثّرة تروي نضال الشعب و تدحر عنه تهمة التقاعس ، و بطولات رجاله.


لامت الجبهة العربية الناصريّه-اليوسفية بورقيبة لعدم خوض معركة موحّدة  في المغرب العربي لدحر الاستعمار و لكنّه كان أوّل من رفع السلاح في وجه الفرنسيين في1952  قبل ان تلتحق به المغرب ثم الجزائر في 1954،كان يعرف حدوده و متطلبّات القضيّة و  طبيعة الاستعمار المختلف عن الوضع في الجزائر و لم يغامر دون معرفة النتائج.


ثمّ  كانت المعركة للجلاء التّام  و تحرير جميع الاراضي من الاحتلال الفرنسي بعد الاستقلال في 20/03/1956 و  كانت ذروتها معركة الجلاء عن بنزرت

كان له ماأراد و كان يعرف ثمن ذلك بشعب أعزل و جيش فتيّ دون تسليح و لكن متسلّح  بروح المقاومة , مات الكثير ممن نحسبهم شهداء لتنعم تونس بإستقلالها

لم يكن هناك من طريقة أخرى غير جرّ الفرنسيين لارتكاب مجزرة ثم ادانتها من الأمم المتحدة و طلب الجلاء التّام.

ساند بورقيبة الثورة الجزائرية و كان يقول "لا استقلال لتونس دون استقلال الجزائر"،  و امتزج الدم في ساقية سيدي يوسف في 8 فيفري 1958 و دفع التونسيين ثمنًا باهضًا لمساندتةهم الثوره الجزائريّة و لكن رغم ذلك إتّهم  جيراننا تونس  بالعمالة!!!!!


تونس  "البورڤيبيّة"، بلد مستقلّ  بسياسته الخارجية و لا تقبل إملاءات كان من كان، و مثّل بورقيبه لوحده مخبر دراسات استراتيجيه👍

وجّه بورڤيبه  بوصلة تحالفه إلى الولايات المتحدّة الأمريكية ( التي لا يوجد لها ماضٍ استعماري و بعيدة  جغرافيًّا وليس لها أطماع في تونس و لمعرفته بقوتها على اوروبا ) و ساند الحلفاء في الحرب  العالميّة الثانية ، و حل ّ القضيّة الفلسطينية في  إطار  قرار الأمم المتحدّة رقم 181 , استطاعت الديبلوماسيه التونسية ادانة اسرائيل لأوّل و آخر مرّة في مجلس الأمن بعد إعتداء حمّام الشطّ 🇹🇳






بيد أن قراءة المشهد السياسي الدّاخلي تدعو الى تقسيم العهد البورقيبي الى مراحل ، و حسب رأيي فإنّ بورقيبة مات سياسيّا  في 1971 ، بعد مؤتمر المنستير  و الإنقلاب  على قرارات المؤتمرين و ظهور دستوريين ليبيراليين ديمقراطيين إستبعدهم بورقيبة لأنه سقط في فخ  الأنانية و استبدّ به جنون العظمة .


يتبع 

بن عمر

هل اعجبك الموضوع :
التنقل السريع